فصل: فصل في نفث الدم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في نفث الدم:

الدم قد يخرج ثفلاً فيكون من أجزاء الفم وقد يخرج تنخّماً فيكون من ناحية الحلق وقد يخرج تنحنحاً فيكون من القصبة وقد يخرج قيئاً فيكون من المريء وفم المعدة أو من المعدة ومن الكبد وقد يخرج سعالاً فيكون من نواحي الصدر والرئة والذي من الصدر ليس فيه من الخوف أما في الذي من الرئة فإن الذي من الصدر يبرأ سريعاً وإن لم يبرأ لم يكن له غائلة قروح الرئة وكثيراً ما يصير قروحاً ناصورية يعاود كل وقت بنفث الدم.
والأسباب القريبة لجميع ذلك جراحة لسبب باد من ضربة أو سقطة على الصدر أو على الكبد والحجاب أو شيء قاطع أو سعال ملحّ أو صياح أو تحديد صوت بلا تدريج أو ضجر.
ولهذا يكثر بالمجانين وبالذين يضجرون من كل شيء وقد ينتفث من القيء العنيف خصوصاً في المستعدّين.
وقد ينتفث عن تناول مسهّلات حادة وأغذية حادّة كالثوم والبصل أو خوف أو غمّ محدّ للدم أو نوم على غير وطاء أو علقة لصقت بالحلق داخله أو سبب واصل وهو إما في العروق أو في غيرها.
والذي في العروق إما انقطاع وإما انصداع وإما انفتاح وسعة من حدّة أو استرخاء وإما تأكل لحدّة خلط وإما لسخافة راسخة.
وكثيراً ما تتسع المنافذ من أجزاء القصبة والشرايين فوق الذي في الطبع فيرشح الدم إلى القصبة.
والذي في غير العروق إما جراحة وإما قرحة وقد يكون عن ورم دموي في الرئة يرشح منه الدم ومثل هذه الأسباب إلا العلقة ولهذه الأسباب الواصلة أسباب أقدم منها وهي إما لكثرة المادة وذلك إما لكثرة الأغذية وترك الرياضة وإما لأنها فاضلة عن أعداد الطبيعة كما يعرض مما أنبأنا عنه في الكتاب الكلّي عند ترك رياضة أو احتباس طمث أو دم بواسير أو قطع عضو وإما لجذبها وإما لشدة حركتها وإما لرياح في العروق نفسها وخصوصاً في المتحنجين فإنهم يكثر ذلك فيهم وإما لاستعداد الآلات الخاوية للمادة وذلك لبرد يقبضها ويعسر انبساطها فلا تطيع القوة المكلفة ذلك بالإمداد بل بالاستنشاق وإما لحرارة خارجة أو داخلة أو يبوسة قد أعدّها أي ذلك كان بالتكثيف والتجفيف للانشقاق عن أدنى سبب أو لرطوبة أرختها فوسعت مسامها أو ملاقاة خارق أكّال أو قطاع أو معفن.
وإذا عرض الامتلاء الدموي أقبلت الطبيعة على دفع المادة إلى أي جهة أمكنتها إذا كانت أشدّ استعداداً أو أقرب من مكان الفضل فدفعتها بنفث أو إسالة من البواسير أو في الطمث أو في الرعاف فإن كانت العروق قوية لا تخلى عن الدم عرض الموت فجأة لإنصباب الدم إلى تجاويف العروق ومن يعتريه نفث الدم فهو يعرض أن تصيبه قرحة الرئة فإنّ النفث في الأكثر يكون عن جراحة والجراحة تميل إلى أن تكون قرحة وإذا أعقب نفث الدم المحتبس نفث دم خيف أن يكون هذا الثاني عارضاً عن قرحة استحالت إليها الجراحة الأولى وكثيراً ما يكون الدم المنفوث رعافاً سال من الرأس إلى الرئة.
وإذا كان نفث الدم من نواحي الرئة تعلّق به خوفان خوف من إفراطه وخوف من جراحته أن يصير قرحة وليس كل نفث دم مخوفاً بل ما كان لا يحتبس أو كان مع حمّى وكثيراً ما يكون نفث الدم بسبب البرد وورم في الكبد أو في الطحال.
العلامات: القريب من الحنجرة ينفث بسعال قليل والبعيد بسعال كثير وكلما كان أبعد تنفث بسعال أشدّ وإذا نيم على الجانب الذي فيه العلة ازداد انتفاث ما ينتفث ويجب أن ينظر أولاً حتى لا يكون ما ينفث مرعوفاً ويتعرّف ذلك بمادة الرعاف وبعروضه ويخفة عرضت للرأس بعد ثقل.
وعلامات رعاف كانت مثل حمرة الوجه والعين والتباريق أمام العين وأن لا يكون زبدياً ويكون دفعة.
وعلامة الدم المنفوث من جوهر لحم الرئة من جراحة أو قرحة أن يكون زبدياً ويكون منقطعاً لا وجع له وهو أقلّ مقداراً من العرقي وأعظم غائلة وأردأ عاقبة وقد يقذف الزبدي أصحاب ذات الجنب وذات الرئة إذا كان في رئاتهم حرارة نارية مغلية.
وقد يكون الزبدي من قصبة الرئة ولكن يجيء بتنخع وسعال بسير ويكون ما يخرج يسيراً أيضاً ويكون هناك حس ما بالألم.
والمنفوث من عروقها لا يكون زبدياً ويكون أسخن وأشد قواماً من قوام الذي في الرئة وأشبه بالدم وإن لم يكن في غلظ الدم الذي في الصدر.
وعلامة المنفوث في الصدر سواد لونه وغلظه وجموده لطول المسافة مع زبدية ما ورغوة مع وجع في الصدر يدل على موضع العلة ويؤكده ازدياده بالنوم عليه وسبب ذلك الوجع عصبية أعضاء الصدر ويكون انتفاثه قليلاً قليلاً ليس قبضاً ويكون نفثه بسعال شديد حتى ينفث.
وعلامة الكائن من انقطاع العروق غزارة الدم وعلامة التأكّل تقدم أسباب التأكل من تناول أشياء حريفة ونزول نوازل حريفة وأن يكون حمّى ونفث قيح أو قشره أو جزء من الرئة ويكون نفث مثل ماء اللحم ويبتدئ نفث الدم قليلاً قليلاً ثم ربما انبثق دفعة فانتفث شيء صالح ولونه رديء وعلامة تفتح أفواه العروق من الامتلاء أن لا يكون وجع البتة وتوجد راحة ولذّة ويخرج في الأول أقل من الخارج بسبب الانقطاع والانشقاق في أول الأمر وهو أكثر من الذي يخرج عن التأكل في أكثر الأوقات.
وعلامة الراشح عن ورم قلته وحضور علامات ذات الرئة وغيرها.
المعالجات: المبتلي بنفث الدم كل وقت يجب أن يراعي حال امتلائه فكلما أحس فيه بامتلاء بودر بالفصد وخصوصاً إذا كان صدره في الخلقة ضيقاً أو كان السعال عليه ملحاً.
والأصوب أن يمال الدم منهم إلى ناحية السفل بفصد الصافن وبعده بفصد الباسليق وإذا درّ طمث النساء في الوقت وعلى الكفاية زال بذلك نفث الدم منهن كما قد يحدث فيهن باحتباسه ويجب أن يتحرز عن جميع الأسباب المحركة للدم مثل الأغذية المسخنة ومثل الوثبة والصيحة والضجر والجماع والنفس العالي والكلام الكثير والنظر إلى الأشياء الحمر وشرب الشراب الكثير وكثرة الاستحمام ويجتنب المفتحات من الأدوية مثل الكرفس والصبر والسمسم والشراب والجبن العتيق فإنه ضار لهم.
وأما الطري فنافع.
والأغذية الموافقة لهم كل مغرّ ومسدد وكل ملحم وكل مبرد للدم مانع من غليانه.
ومن ذلك اللبن المبطوخ لما فيه من تغرية ومخيض البقر لما فيه من القبض والزبد والجبن الطري غير مملوح والفواكه القابضة وضرب من الإجاص الصغير فيه قبض وزيت الأنفاق الطري العصر قد يقع فَي تدسيم أطعمتهم والمياه الشبية شديدة المنفعة لهم.
وأما الكائن عن نفس جرم الرئة فيجب أن يسقى صاحبه الأدوية الملحمة اليابسة كالطين والشافنج بماء لسان الحمل والخل الممزوج بالماء.
وأما علاجه عن تدبير غذائه فأن يبادر ويفصد منه الباسليق من الشق الذي يحدس أن انحلال الفرد فيه فصداً دقيقاً ويؤخذ الدم في دفعات بينها ساعات ثلاث أو نحوها مع مراعاة القوة فإن الفصد يجذب الدم إلى الخلاف ويمنع أيضاً حدوث الورم في الجراحة وتدلك أطرافهم وتشد شداً مبتداً من فوق إلى أسفل ويمنعون الأمور المذكورة ويعدّل هواؤهم ويكون اضطجاعهم على جنب وعلى هيئة كالانتصاب لئلا يقع بعض أجزاء صدره على بعض وقد يوافقهم الخل الممزوج بالماء فإنه يمنع النزف وينقي ناحية الصدر والرئة عن دم إن احتبس فيها فلا يجمد ويسقون الأدوية الباردة والمغرية فإن المغرية ههنا أولى ما يجب أن يشتغل به وإذا وجد مع التغرية التنقية كان غاية المطلوب.
وبزرقطونا نافع مع تبريده حيث يكون عطش شديد.
وربما احتيج أن تخلط بها المدرّات لأمرين: أحدهما: لتسكين الدم وترقيقه والثاني: للتنويم وإزالة الحركة.
وسنذكر الأدوية المشتركة لأصناف نفث الدم في آخر هذا الباب.
وإذا عرض نفث الدم من نزلة ولم تكن النزلة حريفة صفراوية فصدت الرجل من ساعته وأدمت ربط أطرافه منحدراً من فوق إلى أسفل ودلكتها بزيت حار ودهن حار مثل دهن قثاء الحمار ونحوه ولا يدهن الرأس البتة ويكون أغذيتهم الحنطة بشيء من العفوصات على سبيل الأحساء وتكون هذه العفوصات من الثمار وما يشبهه.
وعند الضعف يطعمون خبزاً منقوعاً في خل ممزوج بماء بارد ويستعمل عليهم الحقن الحادة لتجذب المادة عن ناحية الرأس وخصوصاً إذا لم يمكن الفصد لمانع ويجب أن يجتهد في تبريد الرأس ما أمكن ولا يجهد جهداً كثيراً في ترطيبه.
ومما ينفعه سقي أقراص الكهرباء فإن لم ينجع ما ذكرنا لم يكن بد من علاج النزلة وحبسها مثل حلق الرأس واستعمال الضماد المتخذ بزبل الحمام يضمّد وينزع بحسب الحاجة.
وزعم جالينوس أن امرأة أصابها نزف دم من النزلة فحقنتها بحقنة حادّة وخصوصاً إذا لم يمكن فصدها لأنها كانت نفثت أربعة أيام وضعفت وغذّاها بحريرة وفاكهة فيها قبض إذ كان عهدها بالغذاء بعيداً وعالج رأسها بدواء ذرق الحمام وأذن لها في الحمام لأجل الدواء ولم يدهن رأسها لئلاّ يرطب وسقاها الترياق الطري لينوّمها فإنّ في هذا الترياق قوى الأفيون ينوم ويمنع دغدغة السعال ويسكّن من سيلان المواد بالتغليظ.
وأما في اليوم الثاني من هذا الدواء فلم يتعرّض لتحريكها بل تركها هادئة ساكنة على حاجة بها إلى تنيقية الرئة وأكثر ما دبرها به أن دلك أطرافها وسقاها قدر باقلاة من الترياق الحديث أقلّ من الأمس وكان غرضه أن يمزجها إلى العسل لتسقي به الرئة ثم تركها ساعة ثم ذلك أطرافها وأعطاها بعد ذلك ماء الشعير مع قليل خبز لينعش القوة وفي الرابع أعطاها ترياقاً عتيقاً مع عسل كثير لينقي رئتها تنقية شديدة وغذّاها في سائر الأيام على الواجب ودبرها تدبير الناقهين ومع ذلك فقد كان يضع على رأسها وقتاً بعد وقت قيروطي الثافسيا ويحرّم عليها الاستحمام.
وهذا تدبير جيد ويجب أن يكون الترياق ترياق ما بين شهرين إلى أربعة أشهر فإنه ينوم ويحبس النزلة ولا يقرب رؤوس هؤلاء بالدهن ولا بد من حلق الرأس لاستعمال هذه المحمرات ولو للنساء ولا بد من إسهال بمثل حب القوقايا إن كان هناك كثرة وذلك بعد الفصد ثم يلزم الأدوية المحمّرة.
وما كان من انشقاق عرق أو انقطاعه وكان سببه الامتلاء فيجب أن لا يغذى ما أمكن بل يجوع ثلاثة أيام يقتصر فيها كل يوم على غذاء قليل من شيء لزج وأما إذا لم يظهر سقوط القوة دوفع بالتغذية ما أمكن إلى الرابع وإن خيف سقوط القوة خوفاً واجباً غذوا بما يتولد عنه خلط معتدل أو إلى برد وفيه تغرية ولزاق وتلزيج وقبض وخاصة تغليظ الدم كالهريسة بالأكارع وكالرؤوس وكالنيمبرشت وكالأطرية خاصة ما طبخ بالعدس وكالعدس والعناب وإن أمكن أن لا يغذى بالقوي فعل واقتصر على ماء الشعير وخصوصاً المطبوخ مع عدس أو عناب أو سفرجل والخبز المغموس في الماء البارد أو في شيء حامض مزور كله مبرد بالفعل.
ومخيض البقر إذا تطاولت العلة نافع لقبضه وبرده والألبان المغلاة لتغريتها وللزاقها نافعة في ذلك.
فإن لم يغن وزادت في الدم فضرّت.
والسمك الرضراضي شديد المنفعة.
ويجب أن يكون أغذية هؤلاء والذين بعدهم باردة بالفعل.
والجبن الطري غير المملوح شديد المنفعة لهم جداً.
وإذا غذوت هذا وأمثاله بلحم فاختر من اللحمان ما كان قليل الدم يابساً خفيفاً كلحوم القطا والشفانين والدرّاج مطبوخاً في قبوضات وعفوصات.
ومن الأشياء المجرّبة في قطع دم النفث مضغ البقلة الحمقاء وابتلاع مائه فربما حبس في الوقت.
ومن الفواكه السفرجل والتفاح القابضان العفصان والعناب الرطب وحب الآس والخرنوب الشامي وما يجري هذا المجرى.
وقد يتخذ لهم نقل من الطين المختوم والأرمني بالصمغ العربي وقليل كافور.
وإذا احتبس الدم ووصل إلى الرابع يجب أن يغذّي ويقوّي ويبدأ بمثل الخبز المغموس في الماء وبمثل الهرائس والأكارع والأدمغة وإن كان الانشقاق والانقطاع بسبب حدّة الدم فاعمل ما يجب من إمالة الدم إلى الأطراف وإلى خلاف الجهة واستفراغ الصفراء ثم برّد بقوة ورطّب واستعمل القوابض أيضاً والمغريات وماء الشعير والسرطانات والقرع ودواء أندروماخس ودواء جالينوس.
وأما الكائن من انفتاح العروق فالأدوية التي يجب أن تستعمل فيه هي القابضة والعفصة مع تغرية كما كانت الأدوية المحتاج إليها فيما سلف هي المغرية الملحمة مع قبض وهذه مثل الجلنار وأقماع الرمان والسماق وعصارة الطراثيث وعصارة عساليج الكرم وورق العوسج والبلوط والكهربا والأقاقيا والحُضَض وعصارة الورد وعصارة عصا الراعي والشكاعى وعصارة الحصرم وهو فاقسطيداس.
وقد يقوي هذه وما يتّخذ منها بالشبّ والعفص والصبر والأفسنتين يتخذ منها أدوية مركبة وأقراص معدودة لهذا الباب.
وقد ركبت من هذه الأدوية المذكورة وربما طبخت هذه الأدوية في المياه الساذجة أو بعض العصارات وشرب طبيخها وربما اتخذ منها ضمّادات وقد تخلط بها وتجمع أدوية النفث المذكورة والأدوية الصدرية مثل الكرفس والنانخواه والأنيسون والسنبل والرامك وقد يخلط بها المخدّرات أيضاً مثل قشور أصل اليبروج والبنج والخشخاش وقد يخلط بها المغرّيات كالصمغ وقشار الكندر وكوكب ساموس والطباشير وبزر لسان الحمل ولعاب بزرالقطونا وبزره وعصارة البقلة الحمقاء ولعاب حبّ السفرجل.
وأما إذا كان رشحاً من ورم فعلاجه الفصد والاستفراغ ثم الإنضاج.
ولا يعالج بالقوابض فذلك يجلب آفة عظيمة بل يجب أن يعالج بعلاج ذات الرئة.
وأما الكائن عن التأكّل فهو صعب العلاج عسر وكالميئوس منه فإنه لا يبرأ ولا يلتحم إلا مع زوال سوء المزاج وذلك لا يكون إلا في مدة في مثلها أما أن تصلب القرحة أو تعفن لكن ربما نفع أن لا يدع الأكّال يستحكم بنفض الخلط الحار وربما أسهل الصفراء والغليظة معاً بمثل حبّ الغاريقون.
فإن احتجت إلى فعل تقوية لذلك قوّيته واحتملت في تسكين دغدغة السعال بدواء البزور فإنه يرجى منه أن ينفع نفعاً تاماً.
وبالجملة فإن علاجهم التنقية بالاستفراغ بالفصد وغيره والأغذية الجيدة الكيموس وربما يسقى للأكال اللبان والمرّ وآذان الجداء وبزر البقلة الحمقاء وأصل الخطمي وأقراص الكوكب زيد فيه من الأفيون نصف جزء.
وأدوية مركبة ذكرها فولس وتذكر في القراباذين.
وأدويتهم النافعة هي ما يقع فيها الشادنة ودم الأخوين والكهربا والسندروس والطين المختوم.
وبالجملة كلّ مجفّف مغر ملحم.
وأما الكائن من الصدر فيعالج بالأضمدة وبالأدوية التي فيها جوهر لطيف أو معها جوهر لطيف قد خلط بها وهي مما ذكرناه ليصل إلى الصدر وماء الباذروج في نفسه يجمع بين الأمرين وإذا حدس أن سبب نفث الدم حرّ فالأدوية المذكورة كلها موافقة لذلك وإذا حدس أن السبب برد أورث نفث الدم على الوجه المذكور فعلاجه كما زعم جالينوس أن ذلك أصاب فتى فعالجه هو بأن فصده في اليوم الأول وثني ودلك أطرافه وشدّهاعلى ما يجب في كل حبس نزف دم وغذّاه بحساء ووضع على صدره قيروطياً من الثافسيا ورفعه عنه وقت العشاء لئلا يزيد إسخانة على القدر المطلوب وغذَّاه بحساء وسقاه دواء البزور ولما كان اليوم الثالث استعمل على صدره ذلك القيرطي ثلاث ساعات ثم أخذه وغذّاه بماء الشعير واسفيدباجة بلحم البط فلما اعتدل مزاج رئته وزال الخوف عن حدوث الورم نقّى الرئة بترياق عتيق متكامل ودرجه إلى شرب لبن الأتن وإلى سائر تدبير نافث الدم.
وزعم جالينوس أن كان من أدركه من هؤلاء في اليوم الأول برأ والأخرون اختلفت أحوالهم وقد شاهدنا أيضاً من هذا من نفعته هذه الطريقة ونحوها وإذا حدس أن السبب رطوبة واسترخاء استعمل ما فيه تجفيف وتسخين وقبض مثل أصل الأذخر والمصطكي والكمّون المقلو والفودنج الجبلي والقلقديس والجندبيدستر والزعفران للإبلاع وقد يخلط بها قوابض معتدلة بمثل الشاهبلّوط وقد اتخذت من هذه مركّبات ذكرت في القراباذين.
وإذا حدس أن السبب يبوسة وذلك في الأقل استعمل المرطّبات المعلومة من الألبان والأدهان والعصارات بعد التدبير المشترك من إمالة المادة إلى خلاف الجهة ولكن الذي يليق بهذا الموضع عن الفصد وغيره أقلّ وأضعف من الذي يليق بغيره.
وإذا كان السبب صدمة على الكبد فعلاجه هذا السفوف.
ونسخته: رواند صيني عشرة لكّ خمسة طين أرمني خمسة والشربة من مجموعة درهم ونصف.
وإما الأدوية المشتركة فالمفردات منها مذكورة في الكتاب الثاني في الجداول المعلومة والذي يليق بهذا الموضع الشادنج فإنه إذا سحق سحقاً كالغبار وشرب منه مثقال في بعض القوابض أو العصارات نفع أجل نفع وإذا مضغت البقلة الحمقاء وابتلع ماؤها فربما حبس في الحال وماء الخيار وعصارته وخصوصاً مع بعض المغريات القابضة جداً إذا تجرعّ يسيراً يسيراً وقرن الأيل المحرق إذا خلط بالأدوية كان كثير النفع وذلك ماء النعناع وأيضاً ثمرة الغرب وزن درهم وأيضاً فقّاح الكزبرة وزن ثلاثة دراهم بماء بارد غدوة وعشية وأيضاً البسّد فإنه شديد النفع وطين ساموس وزعم أنه يسمى باليونانية كوكب الأرض ويشبه أن يكون غير الطلق وأيضاً يؤخذ دم الجدي قبل أن يجمد يسقى منه نصف أوقية نيئاً ثلاثة أيام وأيضاً حبّ الآس وبزر لسان الحمل وزن درهمين في ماء لسان الحمل أو عصارة الورد فإنه غاية والسفرجل نافع وخصوصاً المشوي.
وأيضاً أنفحة الأرانب بماء الورد وهي وغيرها من الأنافح بمطبوخ عفص أو بماء الباذونج وخصوصاً للصدري أو طين مختوم وبدله طين ساموس بشيء من الخل وأيضاً سومقوطون وهي حيّ العالم.
وقال رجل في بعض ما جمع أنه نوع من الفوذنج ينبت بين الصخر يفرك ويؤكل بالملح ويسمى بالموصل اليبروح البرّي أو التفاح البري وفي ذلك نظر وهذا الدواء يسقى مع مثله نشا.
وأيضاً: مما ينفعه أن يسقى من الشبّ اليماني فإنه غاية وخصوصاً في صفرة بيض مفترة لم درهم من بزر البنج بماء العسل ويجب أن يسقى الأدوية الحابسة للنفث بالشراب العفص لتنفذ اللهم إلا أن يكون حمى فيسقى حينئذ مع عصارة أخرى.
وللعتيق القديم بزر الكراث النبطي وحبّ الآس جزآن بالسواء يسقى منهما إلى درهمين بماء عصا الراعي أو تؤخذ عصارة الكراث الشامي أوقية والخلّ نصف أوقية يسقى بالغداة أو يسقى حراقة الإسفنج بشيء من نبيذ.
وجالينوس يعالج نزف الدم بالترياق والمثروديطوس والأدوية الطيبة الرائحة فإنها تقوّي الطبيعة على البخل بالدم وإلحام الجرح وكذلك أقراص الكوكب ودواء أندروماخس والقنطوريون يجمع إلى حبس النفث التنقية فليسق منه المحموم بماء وغيره بشراب.
والصقالبة يعالجون بطبيخ أصل القنطوريون الجليل.
ومن الأشربة عصارة لسان الحمل وزن درهم عصارة لسان الثور وزن درهمين عصارة بقلة الحمقاء وزن درهمين عصارة أغصان الورد الغضّة أوقية يدق بلا رشّ الماء عليها ويصفّى ولا يطبخ بل يداف فيه شيء من الطين المختوم ويسقى أو تؤخذ عصارة أغصان الورد ويداف فيها عصارة هيوفقسطيداس أو الشاذنج وقرن الأيل محرقاً وتسقى ومن الأقراص قرص بهذه الصفة.
ونسخته: أقاقيا وجُلَّنار وورد أحمر وعصارة لحية التيس وجفت البلّوط وقشور الكندر سواء.
وأيضاً يؤخذ زرنيخ قشور أصل اللفّاح طين البحيرة كندر أقاقيا بزر بقلة الحمقاء بزر باذروج جلّنار كافور يتخذ أقراصاً.
الشربة درهمان بنصف أوقية ماء أو شراب عفص أو ماء الباذروج.
وأيضاً بزر خشخاش وطين مختوم هيوفقسطيداس كندر كافور تسقى بماء الباذروج.
وأيضاً قرص ذكره ابن سرافين وهو المتخذ بصمغ اللوز.
وأما الأدهان المستعملة على الصدر ففي الصيف دهن السفرجل وفي الشتاء دهن السنبل.
وهذه صفة قرص جيد: يؤخذ طين البحيرة.
وبُسذ وكوكب ساموس وورد يابس من كل واحد جزآن كهرباء وصمغ ونشا من كل واحد جزء يخلط ويقرص والشربة منه أربعة مثاقيل للمحموم في عصارة قابضة ولغير المحموم في شراب وخصوصاً القابض.
ومن الأضمدة المشتركة دقيق الشعير ودقاق الكندر وأقاقيا ببياض البيض وإذا حبست الدم فاقبل على إلحام الجراحة.
ومنع الورم وإلحام الجراح هو مما تعلمه من المغرّيات القابضة ومنع الورم لمنع الغذاء وجذب المواد إلى الأطراف وتبريد الصدر ويجب أن يجرع الخل الممزوج مراراً ويجب أن يتحرّز بعد الاحتباس والإقبال أيضاً عن الأمور المذكورة.
وأما الماء الذي يشربونه فيجب أن يكون ماء المطر أو ماء يقع فيه الطين الأرمني والورد.
وماء الحديد المطفأ فيه الحديد نافع جداً لقبضه.
وإذا خيف جمود الدم في الرئة فيجب أن يسقى في الابتداء خلاً ممزوجاً بماء إلا أن يكون سعال فيجب أن يحذر حينئذ الخلّ وأمر للدم الجامد بنصف درهم دندكركم بشيء من ماء الكراث وملعقة سكنجبين.
ومن المركبات كذلك حلبة مطبوخة درهمان زراوند درهم مر ثلاث دراهم دهن السوسن درهم فلفل واحد بنج واحد ورد درهمان يقرص ويصف في الظل ويسقى بماء الرازيانج والكرفس.
وأيضاً أنفحة الأرنب ورماد خشب التين مع حاشا أو شعير مع عسل أو يسهّلون بما يستفرغ من أدوية مفرعة ذكرناها في الكتاب الثاني ومركبات ذكرناها في القراباذين واقرأ كتابنا في تحليل الدم الجامد من الكتاب الرابع.